اتخذوه مهجوراً
هذا موقف مؤثر من واقع الحياة
قالت إحدى النساء العربيات: كنت في الحرم المكي .. في قسم النساء ..
وإذا بامرأة تطرق على كتفي ..
وتردد بلكنة أعجمية : يا حاجة !! يا حاجة !!..
إلتفت إليها .. فإذا امرأة متوسطة السن ..
غلب على ظني أنها تركية ..
سلمت علي .. وقعت في قلبي محبتها !
سبحان الله الأرواح جند مجندة ..
كانت تريد أن تقول شيئاً ..
تحاول استجماع كلماتها ..
أشارت إلى المصحف الذي كنت أحمله ..
ثم قالت بعربية مكسرة :
أنت تقرأ في قرآن ..؟!
قلت : نعم ! .. وإذا بالمرأة ..
يحمر وجهها .. وتمتلئ عيناها بالدموع ..
قد هالني منظرها .. بدأت في البكاء !!
قلت لها : ما بك !؟
قالت بصوت مخنوق وهي تنظر بخجل ..
قالت : أنا ما أقرأ قرآن ..
قلت : لماذا ؟
قالت : ما أعرف ..
ومع انتهاء حرف الفاء .. انفجرت باكية ..
ظللت أربت على كتفيها وأهديء من روعها ..
قلت : أنت الآن في بيت الله .. اسأليه أن يعلمك .. وأن يعينك على قراءة القرآن ..
كفكفت دموعها ..
وفي مشهد لن أنساه ما حييت ..
رفعت المرأة يديها تدعو الله قائلة :
اللهم افتح قلبي ..
اللهم افتح قلبي أقرأ قرآن ..
اللهم افتح قلبي أقرأ قرآن ..
ثم التفتت إليَّ وقالت : أنا أموت وما قرأت قرآن ..
قلت لها : لا.. إن شاء الله سوف تقرأينه كاملاً وتختميه مرات ومرات ..
سألتها : هل تقرأين الفاتحة ؟
فاستبشرت .. وقالت : نعم ..
ثم بدأت ترتل : الحمد لله رب العالمين ..
الرحمن الرحيم ..
حتى ختمتها ..
ثم جلست تعدد صغار السور التي تحفظها ..
كنت متعجبة من عربيتها الجيدة إلى حد ما..
وهي تتكلم عن حياتها .. وما تبذله لتتعلم القرآن ..
وفجأة تغير وجهها ..
وقالت : إذا أنا أموت ما قرأت قرآن .. أنا في نار !! أنا والله أسمع شريط .. بس لازم في قراءة !!
هذا كلام الله .. كلام الله العظيم !
وبدأت المسكينة تدافع عبراتها وهي تتكلم عن عظمة الله .. وحق كتابه علينا ..
لم أتمالك نفسي من البكاء !
امرأة أعجمية .. في بلاد علمانية ..
تخشى أن تلقى الله ولم تقرأ كتابه ..
منتهى أملها في الحياة أن تختم القرآن ..
تبكي .. وتحزن .. وتضيق عليها نفسها ..
لأنها لا تستطيع تلاوة كتاب الله ..
فما بالنا قد هجرناه ؟
قد أوتيناه فنسيناه ؟
ما بالنا والسبل ميسرة لحفظه وتلاوته وفهمه ؟
بالله .. على أي شيء تحترق قلوبنا ؟
وما الذي يثير مدامعنا ويهيج أحزاننا ؟